تنبيه: لم يكتمل رفع المادة العلمية للشيخ، والعمل جارٍ على ذلك.
أضرار البطاقات الائتمانية اقتصاديًا على الفرد والمجتمع
للبطاقة أضرار اقتصادية كثيرة، منها:
الأول:
الوقوعُ في مشاكلَ اقتصاديةٍ كبيرة؛ نتيجةَ منح الائتمان لأشخاصٍ غير مؤهَّلين ائتمانيًّا؛ وذلك نيتجة دخولِ المصارف فيما بينها على التنافُسِ المحموم في كسْب العملاء، وذلك بتقديمِ التسهيلات والإغراءات بأساليبَ مغرية جدًّا تقوم بتسهيلِ الحصول على البطاقة مِن خلال إيصالها إلى العميل في منزلِه أو في مقرِّ عمله، بأقلِّ قدْر مِن الشروط؛ لكسْبِ أكبرِ شريحة مِن الشباب، وتقديم فُرَص ائتمان تصِل إلى أضعافِ دخْل هؤلاء الشباب، وتقديمُ الائتمان لأشخاصٍ غير مؤهَّلين ائتمانيًّا له ضررٌ مزدوج على المصارِف وعلى الأفراد:
أمَّا ضرره على المصارف:
فإنَّ مِثل هذا قد يُوقِع البنوكَ في الديون المعدومة، وهذا له أضرارٌ اقتصادية جَمَّة.
وأمَّا ضرره على الأفراد:
فإنَّ هؤلاء الشباب مع تواضُع دخْلهم، وقِلَّة خِبرتهم، وانعدام الثقافة المصرفيَّة لديهم، وقِلَّة الوعي بحقيقة البطاقات الائتمانية، وجهلهم بالفوائدِ والغرامات المترتِّبة عليها، كل ذلك ممَّا يُفاقِم المشاكل، فالشبابُ لا يعرف كيف يُرتِّب أوضاعَه المالية، ولا يعرف كيف يسيطر عليها، وإذا وجَد أنَّ بإمكانه الشراءَ لوجودِ الائتمان، فإنَّه يشتري ما يحتاجه وما لا يحتاجه دونَ أن يُدرِكَ أنَّ هذه المبالغَ الإضافية التي أُضيفت إلى دخْله هي على شكل قروض عالية الفوائد، ولا يُدرك هذا إلا بعدَ أن تأتيَه الفاتورة مِن البنك، وبعد أن يقَع الفأس في الرأس، وقِلَّةٌ مِن الناس مَن يستخدم هذه البطاقاتِ للحالات الحَرِجة فقط.
الثاني:
الدخول في دوَّامة الديون، ممَّا يَستنزِفُ دخْلَ الأسرة، ويضطرُّها إلى التقشُّفِ في الأمور المعيشيَّة الضروريَّة.
فلا أحدَ يستفيد مِن إغراقِ المجتمع كافَّة بديون استنْزافية تأتي على مدَّخَرات ربِّ الأسرة؛ ليكونَ ذلك على حسابِ دخْل الأسرة وحاجاتها ورفاهيتها، وأنْ تكون الأُسرةُ كلُّها من ربِّ الأسرة إلى أصغرِ فردٍ فيها مرهونين لهذه الديون، ولوقتٍ طويل جدًّا، ليجد ربُّ الأُسرة أنَّ راتبَه يتبخَّر على شكل أقساط: قِسط للبيت، وآخَر للسيارة، وقِسط ثالث للأثاث؛ ليكونَ ذلك على حسابِ نفقات الأسرة الضروريَّة المعيشيَّة.
ولقد وصَف مشاركون في استطلاعٍ أجْرَتْه صحيفةُ (الاتحاد الإماراتية) في عددها الصادر يوم السبت 7/ 4/ 2007م البطاقاتِ الائتمانيةَ بأنها أسرعُ الطرق للسقوطِ في دوَّامة الديون التي يغرق فيها يوميًّا المئاتُ، بل الآلاف! ويعجزون عن الخروجِ منها، مطالبين المصرفَ المركزي والجِهات المعنية بتنظيمِ العمل في القطاع المصرفي بالدولة، بالرقابة على البنوك فيما يخصُّ العروضَ المغرية التي تُقدِّمها للعملاء للحصولِ على بطاقات ائتمانية، خاصَّة الشباب الذين ما زالوا في بدايةِ حياتهم.
"إنَّ الأخبارَ الصادرةَ من شركة "فيزا" العالمية تُشير إلى أن متوسِّط إنفاق حاملِ البطاقة المُصدَرة من السعودية يبلغ (3000) دولار، وهو يَزيد قُرابةَ الضِّعْف عن المتوسط العالمي البالغ (1600) دولار، كما تُشير الأخبارُ إلى أنَّ السوق السعودية تستحوذ على أكثرَ مِن ثُلُث البطاقات التي أصدرتْها شركة "فيزا" في الشرق الأوسط، ويمكن أن نتوقَّع الحال نفسها في الأنواع الأخرى مِن بطاقات الائتمان".
"وفي تقريرٍ للتطوُّرات الاقتصادية صَدَر عن مؤسَّسة النقد (ساما)، يذكُر أنَّ قروض البطاقاتِ الائتمانية استمرَّتْ في الارتفاع خلالَ عام 2006م مِن 4.6 مليَّارات في الرُّبُع الأول، إلى 5.5 مليارات ريال في الرُّبُع الثاني، ثم إلى 6.7 مليارات في الربع الثالث، وصولاً إلى 7.3 مليارات ريال في الرُّبُع الأخير؛ أي: بزيادة 600 مليون ريال عن سابقه".
فإذا عَلِمْنا أنَّ 70% مِن التركيبة السكَّانية للمجتمع السعودي تقَع في الفئة العمرية أقل مِن ثلاثين عامًا، وهذه الشريحةُ هي المستهدَفة مِن هذه البنوك؛ لكثرةِ احتياجاتها للائتمانِ؛ نتيجةَ قِلَّة الدخْل، وقِلَّة الخِبرة، وانعدام الوعي المصرفي - إذا عَلِمْنا هذا أدركْنا حجمَ المشكلة التي نحن مُقبِلون عليها إنْ لم يُتداركِ الوضع من مؤسَّسة النقد، بوضْع القيود على مِثل تلك البطاقات للحدِّ مِن إصدارها، حيث يتطلَّب إصدارُها ملاءةً معيَّنة وسِنًّا معينة، وذلك مِن خلال مراجعةِ دخْله، وكشْف حسابه لمدَّة سَنَة كاملة؛ ليتضِحَ بذلك قدرتُه على التعامل مع تلك البطاقة، كما أنَّ الإعلام مطالَبٌ بلعب دَور مهمٍّ جدًّا في توعية الناس وترشيدهم في الإنفاق، وعدم بثِّ الدعايات لبطاقات الائتمان مِن خلال وسائلِ الإعلام، أو على الأقل عَمَل دعايات مضادة تُبيِّن خطورةَ مِثل هذه البطاقات.
ويجب أخْذ الاعتبارمن تَجارِب الأمم ممَّن حولنا؛ لتجنُّبِ أوضاع مماثلة نحن مُقدِمون عليها، "ففي تقرير اقتصادي وصَفت صحيفةُ الفاينينشال تايمز اللندنية مديوني البطاقات بـ (عبيد البطاقات الائتمانية)، وذلك خلالَ أزْمة البطاقات الائتمانية في تايوان، التي تَسبَّبتْ في إفقار الشعب، وهدَّدت النظام المصرفي التايواني بالانهيار جرَّاءَ التساهل في الإقراض؛ ممَّا حدَا بالحكومة إلى التدخُّلِ لمعالجة الأزمة بحلولٍ جذرية وعاجلة، ومنها إعادة دفْع القرْض الأصلي فقط، إذا ما وصل عبءُ الفائدة إلى ضِعْف مبلغ القرْض الأصلي".
وإنَّ ربَّ الأسرة - خاصَّة إذا كان مِن أصاحب الدخول البسيطة - مُطالَبٌ أن يكون إنفاقُه بحجم دخْله وراتبه الشهري، وأن يكون البديلُ للائتمان المصرفي أن يتَّفق مع المحل التجاري القريب مِن المنزل أن يَفْتَح له حسابًا، بحيث يشتري منه ويُسجِّل على الحساب إلى حين استلامِ الراتب؛ ليكونَ ذلك بلا فوائد، وإذا بلَغ الدَّين مبلغًا معينًا أوقَف صاحبُ المحلِّ الدَّيْن إلى حين السداد.
الثالث:
أنَّ هذه البطاقات المنتشِرة اليوم تُعتبَر من أكبرِ الأسباب في توجيهِ الديون إلى الحاجاتِ الاستهلاكيَّة غير الإنتاجيَّة، والتوسُّع فيها بسببِ وجود هذه التسهيلات، بدلاً مِن صرفها على المجالات الاستثماريَّة المفيدة للاقتصادِ والمجتمع.
الرابع:
إمكانية تزويرِ البطاقة واستخدامها استخدامًا غيرَ قانوني يُوقِع المصارف في تكاليفَ باهظة، فقد نشَرَتْ جريدة الحياة اللندنية في يوم السبت الموافق 18/ 8/ 2007م أنَّ أربعةَ مصارفَ سعوديةٍ تعرَّضت لعمليةِ احتيالٍ على البطاقات الائتمانية المُصدَرة لعملائها إلى عددٍ مِن دول العالَم، أبرزها دول جنوب شرق آسيا، ما أدَّى إلى تكبُّدها خسائرَ تُقدَّر بنحو 32 مليون دولار حسب ما ذكرتْه الصحيفة، والله أعلم.
هذه إشارةٌ إلى بعضِ أضرارها الاقتصاديَّة على المجتمع والفرْد.
(هذا المقالة مستلة من بحث بطاقات الائتمان والتكييف الفقهي 3/4)
انقر هنا لمطالعته.
